رئيس مجلس الإدارة: رضا أبوحجي نائب رئيس مجلس الإدارة: الجميلي أحمد رئيس التحرير: شريف سليمان

الجميلي أحمد الهدوء الذي يسبق الفضيحة الانتخابية

الجميلي أحمد الهدوء الذي يسبق الفضيحة الانتخابية
في حياة الكاتب لحظاتٌ يُخطئ من يظنها فراغًا، ويُسيء من يراها مجاملةً أو مهادنة. ليست كل فجوةٍ في السطر فراغًا، وليست كل مساحةٍ من البياض انقطاعًا. أحيانًا يكون الصمت أبلغ من الحروف، وأعمق من المقالات، وأصدق من التصريحات.
لقد آثرت أن أصمت قليلًا، أن أترك ساحة الكلمات لتخلو من ليتقطوا أنفاسهم قليلا، وكي أقرأ المشهد بعيونٍ أكثر اتساعًا. ليس صمتي مجاملة لأحد، بل صمتُ الناقد حين يتهيأ للنقد، وصمتُ الفارس حين يشحذ سيفه، وصمتُ العاصفة حين تختبئ خلف سكون البحر.
فترة الصمت لم تكن حيادًا، بل كانت محاولةً لفكّ شيفرات المشهد الانتخابي: وجوه تتكرر، أصوات تتشابه، خطاباتٌ تكاد تُصاغ في مطبعةٍ واحدة. مرشحون يزداد عددهم كالأمواج، لكن ما وراء الأعداد تفاصيل أشد وقعًا من الحسابات.
لقد اخترت أن أتأمل بدل أن أُسارع، أن أقرأ بدل أن أكتب، أن أرى بدل أن أصف. ففي لحظات التأمل، تتجلى الحقائق العارية التي تخفى وسط الضجيج، وتتكشف معالم اللعبة بما فيها من مرافقين وسماسرة وممثلين على خشبةٍ سياسيةٍ تفتقد الإبداع.
ولأنني لا أكتب على الفاضي والمليان، كان لا بد أن يكون الصمت مقدمة للكلمة، وكان لا بد أن يكون الانتظار بوابةً إلى انطلاقة جديدة. فما يكتبه الكاتب ليس مجرد سطور، بل سهام تُصيب، وأصداء تَسري، وآثار تبقى بعد أن يغيب الصوت.
اليوم أُعلن أن الصمت انتهى، وأن الكلمات المقبلة لن تكون حيادًا ولا تزيينًا، بل ستكون مرآةً كاشفة، وسوطًا ناقدًا، وضوءًا يفضح ما حاول أن يختبئ في الظلال. فمن ظن أن الصمت أمان، فليعلم أن الكلمة القادمة عاصفة، وأن ما سيُكتب لن يُترك بلا أثر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى