رئيس مجلس الإدارة: رضا أبوحجي نائب رئيس مجلس الإدارة: الجميلي أحمد رئيس التحرير: شريف سليمان

لماذا نكتب؟ بين السؤال والجواب

كتب: الجميلي أحمد

لماذا نكتب؟ بين السؤال والجواب
منذ أن اكتشف الإنسان اللغة، حمل القلم أو نقش على الحجر أو صاغ الحكاية على ألسنة الرواة، وهو يواجه سؤالًا أزليًا: لماذا نكتب؟
سؤال يبدو في ظاهره بسيطًا، لكنه في جوهره أعمق مما نتخيّل. كل كاتب، سواء كان شاعرًا أو قاصًا أو مسرحيًا أو روائيًا أو باحثًا، لا بد أن يمرّ أمام هذا السؤال، وكأنه مرآة تعكس حقيقة دوافعه.
هل نكتب لمجرد متعة الكتابة، كمن يرسم لوحات على الماء لتزول مع أول موجة؟
أم نكتب بحثًا عن شهرةٍ تُشبه السراب، يراها المرء من بعيد براقة، فإذا اقترب منها وجدها أوهى من أن تروي عطشه؟
أم نكتب لنترك أثرًا، شهادةً على أننا مررنا من هنا؟
الحقيقة أن الكتابة بلا قضية، أيًّا كانت، لا جدوى منها. لا يشترط أن تكون القضية بحجم فلسطين أو أزمة سد النهضة أو غيرها من الملفات الكبرى التي تشغل الرأي العام، بل إن أبسط القضايا قد تحمل في عمقها معنى الإنسانية كلها. قد تكون القضية رغيف خبز يفتقده فقير، أو حلم طفل صغير بقطعة حلوى، أو شغف أمّ بأمان يومها، أو انتظار عاشق لكلمة محبة.
الكتابة ليست رفاهية، بل صرخة ونداء، وحلم واحتجاج، ونافذة على أمل. حين يكتب الكاتب من أجل قضية، مهما صغرت في نظر البعض، فإنه يمنح كتابته روحًا تتنفس وتؤثر. فالكتابة من أجل الجائع تُشعره أنه مرئي، والكتابة من أجل المهمَّش تخرجه من عزلته، والكتابة من أجل الحلم تمنحه أجنحة.
الكتابة الحقّة هي التي تُترجم معاناة البشر وآمالهم، هي التي تجعل من الكلمات جسرًا بين القلوب، وهي التي تصنع من الحروف أفقًا جديدًا، يعلّمنا أن لا قضية صغيرة أمام قلم صادق.
إذن، نحن نكتب لا من أجل الكتابة وحدها، ولا من أجل الشهرة العابرة، بل نكتب كي نمنح لحياتنا معنى، ولقضايانا صوتًا، ولأحلامنا ذاكرةً تبقى بعدنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى