الجميلي أحمد يكتب: زاهر السوسي.. صوت الناشرين وذاكرة الشارقة الثقافية
زاهر السوسي.. صوت الناشرين وذاكرة الشارقة الثقافية
في المشهد الثقافي العربي، يقف زاهر هاني السوسي كأحد أبرز الوجوه التي نذرت نفسها لخدمة الكلمة والكتاب. رجل جعل من التواصل مع الناشرين والكتاب رسالة يومية لا تعرف مللًا ولا توقفًا، لا ينام قبل أن يطمئن على كل تفصيلة تخص عملهم، ولا يتأخر عن أي رسالة أو استفسار.
هو اليد الممدودة والعقل الحاضر والقلب النابض لهيئة الشارقة للكتاب.
يشغل السوسي منصب مسؤول البرامج الثقافية والمهنية في هيئة الشارقة للكتاب، وهو الموقع الذي ترجمه إخلاصًا واحترافًا منذ بدايته في معرض الشارقة الدولي للكتاب عام 1992. ومنذ ذلك الحين، أصبح اسم السوسي علامة ثقة بين الناشرين العرب، وصوتًا داعمًا لقضايا النشر العربي بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
منذ عام 2009 تولى مسؤولية مشاركة الناشرين العرب في المعرض، ونجح في تحويل هذه المهمة إلى شراكة حقيقية قائمة على التواصل الدائم والاحترام المتبادل. يتابع أدق التفاصيل بنفسه، من ترتيب الأجنحة إلى تيسير الإجراءات ومتابعة الشحنات، لا يعرف في عمله فواصل زمنية، ولا يفرق بين الليل والنهار حين يتعلق الأمر بخدمة الناشرين.
وفي عام 2011، أسندت إليه مهمة تأسيس أول مؤتمر للناشرين العرب، الذي تحول على يديه إلى منصة فكرية عالمية تناقش قضايا النشر والحقوق والترجمة، وما زال يشرف عليه حتى اليوم بكل التزام ومسؤولية. كما يشرف على دورة الناشرين العرب ومؤتمر مكتبات الشارقة، وشارك في تنظيم مؤتمر وزراء الثقافة العرب، ليضع الشارقة في قلب الخريطة الثقافية الإقليمية والدولية.
أما على صعيد التعاون الدولي، فقد كان للسوسي دور محوري في انفتاح النشر العربي على العالم، من خلال شراكاته مع غوغل بوك لعقود بيع الكتب إلكترونيًا، ومع مطبعة إنغرام والوكالة الأدبية بالشارقة لتوسيع نطاق التوزيع والطباعة.
كما كان هو صاحب فكرة وتنظيم أكبر حفل توقيع كتب في العالم، الذي دخل موسوعة غينيس للأرقام القياسية باسم هيئة الشارقة للكتاب، ليصبح حدثًا عربيًا عالميًا يُخلّد اسم الإمارات والشارقة في ذاكرة الثقافة.
ورغم كثافة المهام، لم يتخلّ زاهر السوسي عن قلمه، فهو كاتب ومؤلف لثلاثة كتب، منها كتابان للأطفال وقصة للكبار، تميزت لغته فيها بالدفء الإنساني والصدق الفني. في كتاباته، كما في عمله، يظهر الإنسان الذي يرى في الكلمة رسالة لا مهنة، وفي الثقافة وسيلة لبناء وعي الأجيال.
زاهر السوسي ليس إداريًا فقط، بل حارس للمعرفة وسفير للناشرين العرب. رجل لا يغلق هاتفه أمام أي ناشر، ولا يتأخر عن أحد، ولا يملّ من خدمة الثقافة.
هو نموذج للمثقف العملي الذي يجمع بين الإدارة والإبداع، بين الانضباط والرحمة، وبين الفكر والعمل.
وبين جهوده الممتدة منذ أكثر من ثلاثة عقود، يبقى أعظم إنجازاته أنه بنى علاقة ثقة ومحبة بين الناشرين العرب وهيئة الشارقة للكتاب، علاقة أساسها التعاون وثمرتها النجاح.
ذلك هو زاهر السوسي… رجل الثقافة الهادئ الذي صنع مجده من العطاء، وترك أثره في كل صفحة تُقرأ، وفي كل معرض يُقام، وفي كل ناشر يشعر أن الشارقة بيته الكبير.



